الخميس، 19 مايو 2011

الأحزاب والحزم

أُعلن في الفترة القصيرة الماضية عن قيام عدة أحزاب في مصر بعد ثورة 25 يناير منهم حزب الحرية والعدالة وحزب النهضة (مصر) وهي احزاب إسلامية في توجهها وحزب المصريين الاحرار والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وحزب مصر الحرية وحزب مصر المعاصرة وهي احزاب تدعو للبيرالية الديمقراطية وحزب مصر الكنانة وحزب مصر الحرة وحزب العدل وكل هذه الاحزاب اساسها اشخاص نثق في ذممهم سواء المالية أو الأخلاقية لكن ليست هذه نهاية القضية لكن القضية والقضية دائماً في مصر هي سهولة تداول السلطة وهو الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى احتقان المجتمع وقيام الثورات كنتاج لأننا جميعاً نعمل في نطاق سياسي ضيق هو التملق حول الحاكم واستلهام القوة منه وهذا هو الخطأ في حد ذاته أما الصورة الثانية هو نقد الحاكم نقد لاذع يؤدي إلى زعزعة أمن المجتمع وإهانة رموزه حتى تصل بالمجتمع بالاحتقان وقد جربنا كل تلك التجارب من قبل وقد اثبتت فشلها بما لا يدع مجال للشك جربنا الحريات المطلقة أيام فاروق وقد أدت إلى ثورة وجربنا الحزب الواحد أو القطب الواحد أيام عبدالناصر وكانت نتيجتها نكسة 67 وجربنا الاتجاه الذي للأسف لم يكتمل في عهد السادات وللأسف أنه لم يتبلور بما فيه الكفاية نتيجة وجود حلقتين أحدهما حول الرئيس تتملق والأخرى تهاجم حتى الموت وبالتالي قتل السادات في النهاية ثم جاء حسنى مبارك وحاول أن يكمل التجربة ويبقيها على ما هي عليه بل بلغ به الذكاء أنه استغل حتى من كان يهاجمه وفاحت رائحة الفساد في كل مكان وفي كل شئ فقامت ثورة 25 يناير.
إذاً علينا ان نقف مع أنفسنا ونجد لنفسنا هدف واحد نتفق عليه من أجل الوطن دعونا ننسى أن نبنى أحلامنا على اعتمادنا على الحاكم دعونا الآن ننطلق جميعاً من أجل الوطن لا من أجل المنصب أو الميزة التي يعدنا بها الحاكم بل من أجل مصلحتنا جميعاً وهنا نعود بالذكرى للطفولة لقصة الرجل الذي عندما جاء أجله فجمع أولاده جميعهم وطلب منهم أن يكسروا عدد من عيدان الخوص مجتمعة أولاً ثم منفردة بعد ذلك وكلنا نعرف نهاية القصة لكننا جميعاً لا نلتزم هذه النتيجة أبداً في السياسة وعليه بدأ الجميع في إعلانه عن احزاب جديدة في الفترة الأخيرة.
خلونا كده نلقى نظرة على الموضوع بطريقة واحد زائد واحد يساوي اثنين، عندنا 21 حزب معلن عنهم غير أربع أحزاب مجمدة وسبعة أحزاب جديدة يعنى المجموع 32 حزب في مصر ولو رجعنا إلى وقت الاستفتاء على التعديلات الدستورية نجد أن عدد من شارك في الاستفتاء 18.5 مليون من أصل 45 مليون لهم حق التصويت يعني لو في أحسن الأحوال في مصر قدرنا نقسم الـ 45 مليون على عدد 32 حزب في مصر يعني كل حزب له 1.4 مليون (هل هذا العدد قادر على تمثيل الأغلبية؟ أم أن هذا العدد قادر على أنفاذ رأيه في باقي الـ 45 مليون؟) ومع عدم انضباط الشارع السياسي في مصر تماماً فأن كل حزب في أحسن الأحوال لن يصل أبداً بمفرده إلى هذا الرقم مهما كانت قيمته وأسسه وحتى استراتيجيته التي يعمل وينادي بها ولها لكن هذا أبداً لم ولن يحدث فالشعب المصري ونتيجة لمئات السنين من الاحتلال قد عود نفسه على عدم التدخل في شأن الحكم منذ عصر الرومان إلى الآن فمهما ناديت ومهما صارعت أو حتى دلعت لن يغير الشعب رأيه عن ذلك ولا يغيرنك 25 يناير فالناس كانت تدعم بعضها وكانت كتلة واحدة فشجعت بعضها على النزول لكن في الواقع العام هذا لن يحدث بدليل أن من نزل للتصويت على التعديلات الدستورية أقل من نص الـ 45 مليون ممن لهم حق التصويت. إذاً على المهتم بالشأن العام أن يبدع في مجال السياسة أبداعاً جديداً ليكون له مصداقيته عند الناس ويستحق من وجهة نظرهم أن يخرجوا للحزب الذي يحترم اعضائه بعضهم بعضاً وحريات بعضهم ويصونوا بعضهم حتى ساعة الخلاف لا أن يطلقوا النار على بعضهم. ولكي تتم هذه المصداقية يجب أن يتوفر في هذه الأحزاب الموجودة قيمة هدف أو حتى أمل بسيط لكل الناس أو لقطاع كبير منهم كعدد برغم اختلافاتهم يعني قطاع كبير وواسع من المصريين ليس فقط عدد معين بل أن يكون متنوع أي يكون للحزب قيمة عامة وحيدة نعمل جميعاً من أجلها يعني الليبرالية، القيم المحافظة، المساواة يعني يا جماعة نجمع نفسنا تحت شعار كبير ونكون متعددين الأفكار تحته من أجل خدمة الفكرة الأصلية للحزب ودا يوصلنا أن السادة أصحاب الـ 32 حزب يجب أن يجتمعوا معاً ويجدوا اشباههم أو المتسقين معهم في الهدف في الاحزاب الأخرى الموجودة ويجتمعوا على فكرة عامة واحدة وشعار واحد وعندما يحدث ذلك عندما تكون السياسة ليست صورة واضحة للانانية والمصالح الشخصية والانتهازية والفساد بل صورة للنزاهة والشفافية والحريات سيُقبل الناس، أنها لحظة فارقة في تاريخ مصرنا الحبيبة كنا دائماً نعاني ونشتكي من فاروق وعبدالناصر والسادات وحسنى مبارك الآن كل هؤلاء ليسوا موجودين فهل نستطيع جميعاً أن نواجه أنفسنا أن مبارك بتنحيه وضعنا جميعاً أمام أنفسنا في المرآة هل سنخدم هذا المجتمع عشان كل واحد فينا يكون رئيس حزب أو أمين سياسات ولا هيكون الوطن مصلحتنا وهدفنا الوحيد جميعاً فنستطيع أن ننبذ قليلاً من أنانيتنا ورغبتنا في السلطة ونسعى من أجل إقرار حقيقى للديمقراطية فتجتمع كل هذه الاحزاب على شعار واضح ويجمعوا أنفسهم جميعاً في عدد محدود جداً من الاحزاب تحت هذه الشعارات الواضحة حتى يستطيع البسطاء التواصل والارتباط الحقيقي معها وتستطيع هذه الجموع عندما ترى قوتك في محبة واخلاص لهذا المجتمع -دون موائمات عكس مصالحها لحساب مرتب أو حافز زيادة أو سلطة لرئيس الحزب أو أحد معاونيه من أصحاب السلطة- أن تثق وتقبل وتنتخب وتصبح فاعلة تماما كـ 25 يناير، فعلى السياسيين الموجودين في الشارع الآن خلع عباءة المظلومين ليقفوا في صف المسئولين ليتحملوا جميعاً مسئولية مصر وما سيحدث فيها. وأنا شايفة أن مصر يكفيها جداً حزبين حزب الليبرالين وحزب المحافظين ومش لازم يكون اسمهم كده بس لازم يكونوا معبرين عن كده وببعض الذكاء وديمومة المحافظة على قوى الحزبين يستطيعوا أن يقتسموا بالتساوي تقريبا أصوات الناخبين فتكون نتيجة أي استفتاء ما بين 51 إلى 54 مقابل 49 إلى 46%. وعاشت مصر حرة والسياسين فيها أحرار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق